فيما مضى كان بوسع أفراد الأسرة الالتفاف حول وسائل الإعلام بمحتوياتها وبرامجها لمتابعتها دون أدنى تحفظ، وتدريجياً مع بعض التطورات الدخيلة أصبح على الأسرة أن تختار أوقات وبرامج ومطبوعات مناسبة لتلافي مواجهة مشاهد أو محتويات تخدش الحياء بجرأتها.... أما اليوم فقد اقتحم منزل الأسرة زائر جديد هو الإعلان الذي يتخلل المادة الإعلامية في أي وقت دون استئذان، وأما جديد الإعلان فهو الإثارة أو أسلوب الجذب عبر الإيحاءات الجنسية أو الترويج لمنتجات لايخلو مجلس الأسرة عند متابعتها من شخص يتوارى خجلاً أو صغار يطرحون الأسئلة التي تستعصي إجابتها.... وبدورنا نسأل في " عربيات" من خلال هذا التحقيق هل أصبحت الأسرة تعاني حقاً من هذه الإعلانات؟ وهل من سبيل لمواجهتها حتى لايصبح الإعلام سلاح ذو حد واحد؟
أن الإعلانات بصفة عامة هدفها جذب الانتباه لشيء ما قد يكون رأياً أو فكرة أو شخصية كما في الانتخابات، مشيرة إلى أن الغرض الأكثر شيوعاً من الإعلانات التجارية هو الترويج للسلعة... وعن ذلك تقول:" الغرض هو لفت الانتباه وجذب الأنظار بأي وسيلة وكأنها تطبق مبدأ مكيافيللي ( الغاية تبرر الوسيلة ) فقد تفننت شركات الإعلان في تبني هذا المبدأ متجاوزة المعقول والمقبول إلى خانة الخطوط الحمراء وقد ساعدتها على ذلك وسائل الإعلام المرئية والمقروءة و المسموعة التي تهتم بالعائد الإعلاني الذي تحصل عليه نظير مساحات زمانية أو مكانية تشغلها تلك الإعلانات والتي تعول عليها إلى حد كبير في استمرارها أو توقفها متعللة بمبدأ المتلقي ( الجمهور عاوز كدة)"... وترمي فلمبان باللوم على المشاهد، قائلة:" من غير المجدي إلقاء اللوم على وسائل الإعلام وحدها فنحن أيضاً شركاء فيما تبثه وسائل الإعلان من الغث والسمين باستمرارنا في شراء تلك المنتجات والتي تثبت مبيعاتها مدى نجاح أو فشل الحملة الدعائية و معايير الربح والخسارة قد تضطر القائمين ومالكي تلك الوسائل إلى غض البصر والتعامي عن بعض الضوابط وخصوصاً إذا أصبحت مسألة الاستمرار أو التوقف على المحك.... لذلك لست مع تشفير القنوات أو منع الدش فمثل هذه الحلول تسبب نوعاً من الصدمة الحضارية للنشء بسماعهم عن الوسائل المحرمة عليهم عن طريق الأصدقاء مما قد يدفع بهم إلى اللجوء لأساليب خفية لمتابعتها بعيداً عن الأهل".... وعن الأساليب التربوية لتهيئة النشء للتعاطي مع الجوانب السلبية والإيجابية التي تقدمها وسائل الإعلام تقول:" هنا يأتي دور المؤسسات التربوية والتعليمية والإعلامية في تهيئة النشء منذ نعومة الأظفار على إجادة التعامل الجيد مع تلك الوسائل بتنمية الفكر الواعي المستنير القادر على غربلة كم الأفكار و المعلومات التي يتلقاها من كل حدب وصوب "... وتضيف:" الانفتاح الإعلامي يجب أن يقابله انفتاح فكري من الجميع بدءًا بالبيت و مروراً بالمسجد و المدرسة و الجامعة و العمل و الشارع.... و أقصد بالانفتاح القدرة على التعامل مع جميع الأدوات والمهارة في استخدامها وتطويعها بما يتلاءم مع ثوابتنا عن طريق الحوار و الشفافية و الإنصات و التفهم و الكثير من الصبر.... كما أن التشجيع على القراءة وإتاحة المجال للإبداع العلمي و الأدبي والفني والاقتصادي توفر فضاءات شاسعة لشغل وتطوير أوقات وطاقات الشباب الهائلة بما يعود بالفائدة على الجميع ".