سوف تستغربون من العنوان
لكن السبب الوحيد الذي يجعلني لا أحب نزار قباني هو أنه يستطيع أن يتغنى بدمشق أكثر مني
لكنني أحبــــــــــــــــــــــــه
في دمشق ..... لا أستطيع أن أكون محايدا فكما لا حياد مع المرأة التي نحبها فلا حياد مع مدينة
ياسمينها جزءا من دورتي الدموية
هذه المدينة تخضني تشعلني تضيئني تكتبني ترسمني باللون الوردي تزرعني قمحا و شعرا
وحروفا أبجدية تغير تقاطيع وجهي تحدد طول قامتي تختار لون عيني
أنا مسكون في دمشق , حتى حين لا أسكنها
في الشام لا أستطيع الا أن أكون شاميا .
لا أستطيع الا أن أكون حمامة أو بنفسجة أو عريشة عنب .
لا أستطيع الا أن أكون سمكة في الفرات أو سنبلة في حوران أو صدفة على رمال اللاذقية في الشام ...لا
أستطيع أن أكون فيلسوفا أو واعظا أو حكيما
لا بد لي أن أكون في داخل الجنون , أو في داخل الشعر
لا بد لي أن أخترع لغة استثنائية لهذه المدينة الاستثنائية
لا بد من الذهاب الى الحد الأقصى للعشق .. أو الى الحد الأقصى للشعر ....حتى أتفاهم مع دمشق.
الواقع أن دمشقيتي هي نقطة ضعفي وقوتي معا
ان دمشق تتكمش بي كما يتكمش الرضيع بثدي أمه .
انها تسكنني كما يسكن الله وجه امرأة جميلة .
كل حروف أبجديتي مقتلعة حجرا حجرا من بيوت دمشق .... وأسوار بساتينها وفسيفساء جوامعها...
قصائدي كلها معمرة على الطراز الشامي .....
كل ألف رسمتها على الورق هي مئذنة دمشقية
كل حاء هي حمامة بيضاء في صحن الجامع الأموي
كل عين هي عين ماء
كل شين هي شجرة مشمش مزهرة
كل سين هي سنبلة قمح
كل ميم هي امرأة دمشقية
وهكذا تستوطن دمشق كتاباتي...... وتشكل جغرافيتها جزءا من جغرافية أدبي
فعنواني موجود في مفكرة أي وردة دمشقية
ولغتي مشتقة من مفردات الياسمين
نزار قباني